عناقيد ضوء

نصف ما أقوله لك لا معنى له, و لكنني أقولة ليتم المعنى الآخر – جبران خليل جبران …. لست بأعلم و لا أصدق أو أقوى النساء و و لكن هذا لن يمنعنني لأقول ما أعلم بقوة و بصدق

عقل الفزاعه

leave a comment »

في عالمنا العربي عندما يتحاور طرفان , ليس الهدف من هذا الحوار محاولة فهم الآخر و تقبله بغض النظر عن آرائه و معتقداته . بل الهدف الأوحد الذي يحرك المتحاوران هو تغريب الآخر . و بما أن الإسلام هو الحد الفاصل والقاطع , فالتغريب لا يكون إلا من خلاله . و بغض النظر عن موضوع الحوار قاعدة الحوار العربي تنصص على : لكي تكسب الحوار , عليك أن تثبت غربة الآخر عن الإسلام و بالتالي كفره. لا أعلم إذا ما كان هناك علاقة بين هذا التكنيك المنطقي الذي اتفق عليه العرب و بين مورثوهم الثقافي. فمنذ أيام جاهليتهم, اتفق العرب على عزل أنفسهم, و رفضوا الحوار مع الآخر الذي لقبوه بالعجم , أي الدابة, لأنه لا يتحدث لغتهمو عندما يتعلق الأمر بنقد الآخر و أفكاره, غالبا ما تجد مثقفينا يتبعون طريقة الـ
straw man
لإقامة الحجة. و نستطيع أن نشرح آلية هذه الحجة في أن نصف موقف
أو رأي الآخر بطريقة تشابه رأيه سطحيا, إلا أنها تسهل علينا إضعاف موقفه ونقده بسهولة. و غالبا ما يتم وصف الموقف بطريقة تمكنا ضمنيا من إسقاط أفكار لم يتبناها الآخر, و تكون هذه الأفكار هي مدخل للضربة القاضية.

من الواضح جدا أن هذه التقنية تقيم حجج واهية و مغلوطة, و لا يهدف مستخدميها إلى فهم الآخر بل إلى رفضه و إقصائه. كثيرا ما يستخدم هذه التقنية السياسيون لدعم مواقفهم , و تابعيهم من المثقفين و رجالات الدين .

مثال : حجاب المرأة

فكرة أ : نسبة الأمية بين النساء في الدول الإسلامية هي الأكثر ارتفاعا
فكرة ب : نسبة الأمية بين النساء في الدول الإسلامية ترتفع بين الأوساط المتدنية
بمنطق الفزاعة نربط بين هذه الفكرتين الصحيحتين و نتوصل إلى : الحجاب يؤدي إلى تخلف المرأة و تغييب عقلها

مثال : حقوق المرأة
فكرة أ : الإسلام يضمن حقوق المرأة المسلمة
فكرة ب : حقوق المرأة ابتداع غربي و ليس لها علاقة بمجتمعنا الإسلامي
بمنطق الفزاعة : بما أن حقوق المرأة غربية و الإسلام قد أقرها و ضمنها قبل أن تستيقظ أوروبا من سبات ظلمتها. إذا حقوق المرأة هي مامرة يهودية لتجريد نسائنا من الدين الإسلامي

لذلك نجد أن الإسلام أصبح مرادفا للإرهاب, ومفهوم اللبرالية مرادفا للانحلال الخلقي , و العلمانية مرادفا للشرك و الكفر و إقصاء الإسلام . و النتيجة هي الرفض بالكلية ! . و ينساق العامة إلى تبني هذا الأنماط الفكرية بدون أي محاولة نقد و اكتشاف معني هذه المفاهيم بدون تأثير ووصاية من سيسوا ضمائرهم و علمهم لخدمة مصلحة سياسة كانت أو شخصية . و لنا أن نتأمل مفهومي الحرية و حقوق الإنسان , فقد كانا في الماضي القريب مرادفين للا مسؤولية و الفوضى, و كان مصريهما الرفض في البداية .إلا أن ضغوطا و هجمات خارجية , أدت إلى احتوائهما إسلاميا , فخرجت إلينا الكتابات الدينية تخربنا عن حماية الإسلام للحريات و الحقوق, و كيف أن الإسلام يتفق مع أغلب, إن لم يكن كل , بنود حقوق الإنسان ! و لنا أيضا أن نتأمل المساعي الحكومية التي سخرت مؤسساتها الدينية و الإعلامية لتغيير مفهوم الاختلاط و إحتوائة و قولبته إسلاميا

إذا كان الإسلام يحافظ على حقوق الإنسان , أليس من حقنا أن تحترم عقولنا و لا نعامل كفزاعة تحركها أهواء من عينوا أنفسهم أوصياء على العقول سواء بسلطة دينية أو حكومية . طريق الإصلاح يبدأ برفع الاضطهاد من على العقل العربي , و تصحيح هذه المفاهيم و التعامل معها بموضوعيةحتى نتمكن من نقدها سلاميا . كما أن الإسلام هو عقيدة سلام و منهج حياة, فحقوق المرأة ليست دعوة للتحرر من الفضيلة بل حماية للمرأة و إنسانيتها , و اللبرالية هي حرية الفرد المسئولة, و العلمانية هي وسيلة لحماية الدين و العلم من فساد السياسة , و الديمقراطية ليست هبه يمنحها الحاكم كما شاء أو وسيلة , بل حق و مطلب للعدالة

نظرية المؤامرة التي تنبض في الشارع العربي هي نظرية صحيحة 100%. فقد تآمر الحكام على العقل العربي و سيروه . و النتيجة هي أننا بدلا من أن نستخدم أصابعنا لصناعة ثقافتنا و مستقبلنا , أصبحنا نستخدمها لتوجية إتهام ” إنت كافر” لبعضنا البعض

 

دارين أمين

Written by دارين

جويلية 1, 2008 في 3:03 ص

أضف تعليق